الرئيس أحمد الشرع: سوريا تدخل مرحلة جديدة من الحرية السياسية وإعادة البناء

الرئيس أحمد الشرع: سوريا تدخل مرحلة جديدة من الحرية السياسية وإعادة البناء

وكالة الفرات للأنباء

أكد الرئيس السوري أحمد الشرع في مقابلة مع قناة الإخبارية السورية أن العمل السياسي دون قوانين ناظمة يشكل مدخلاً للنزاعات والخلافات، مشدداً على ضرورة ترتيب القوانين والأنظمة والدستور لتحديد مساحة عمل الفاعلين في الشأن السياسي. واعتبر أن التعددية السياسية والآراء المختلفة ستكون الحالة الطبيعية التي تليق بسوريا، مشيراً إلى أن مشاعره تجاه الشعب فياضة وأن التحسين في البنية التحتية سيظهر بشكل متدرج يلمسه المواطنون كل شهر.

 

الحرية والإعلام

وأوضح الرئيس أن ما تحتاجه سوريا اليوم هو الصبر والثقة والموضوعية في الطرح، لافتاً إلى أن ما تحقق حتى اليوم يعد إنجازاً كبيراً. وأضاف: “كما أكرمنا الله بهذا الإنجاز العظيم، سيكرمنا بحلول متدرجة وفعالة تمس كل بيت”.

وأشار إلى أن العالم تجاوز فكرة حصار الإعلام بفضل وسائل التواصل الاجتماعي، مؤكداً أن القانون يجب أن يحمي السلطة والشعب والمؤسسات على حد سواء.
وشدد الشرع على أن سقف الحرية في سوريا واسع، وأن الحالة الصحية هي وجود أصوات ناقدة، موضحاً: “أقرأ من ينتقدني، والمهم أن يكون النقد صحيحاً ومنبهاً حتى لو كان جارحاً”.

واعتبر أن بعض النقد ناتج عن عدم فهم سياسات الدولة، مما يستدعي توضيحها. وأكد: “نحن لسنا في زمن يقرر فيه الرئيس كل شيء، ولا أريد لسوريا أن تكون هكذا ولا أعتقد أن الشعب يقبل بذلك”.

 

المرحلة السياسية الانتقالية

الرئيس الشرع أوضح أن سوريا مرت بعد التحرير بمراحل عدة، بدءاً من ملء الفراغ الرئاسي ثم عقد مؤتمر وطني جامع وتشكيل حكومة وإجراء انتخابات برلمانية. وأكد أن المرحلة الحالية مؤقتة وأن نجاح الثورات يتطلب وقتاً للانتقال من نظام إلى آخر، مضيفاً أن مجلس الشعب الحالي صيغ كمرحلة انتقالية وليس دائمة. وبين أن صياغة الدستور ستأتي بعد الانتخابات متضمنة تفاصيل كثيرة، مع اعتماد سياسة العمل في كل الجوانب في وقت واحد.

 

الاقتصاد والاستثمار

وحول الوضع الاقتصادي، شدد الرئيس على أن سوريا لا تريد أن تعيش على المساعدات أو القروض المسيسة، بل تسعى لفتح البلاد أمام الاستثمارات الداخلية والخارجية التي توفر فرص عمل وتعيد بناء البنية التحتية. وأشار إلى أن الاستثمارات تسهم في إصلاح القطاعات وتفتح أسواقاً جديدة. ولفت إلى أن “صندوق التنمية” يركز على معالجة قضايا المخيمات والنازحين وبناء البنية التحتية للقرى، إضافة إلى تقديم قروض للمزارعين. وأكد أن إصلاح المنظومتين القضائية والتعليمية وتطوير الموارد البشرية هو أكبر استثمار اقتصادي.

 

إعادة الإعمار

وكشف الشرع أن سوريا استقبلت خلال الأشهر التسعة الماضية نحو 1150 خط إنتاج جديداً، فضلاً عن إعادة تشغيل المعامل المتوقفة. وأكد أن مشروع إعادة الإعمار كبير ومعقد لكنه يسير وفق الأولويات والإمكانات المتاحة، مشيراً إلى أن الاستثمار لا يخيف البلاد بل يعزز استقرارها وانفتاحها على الأسواق الخارجية.

 

العلاقات الدولية

وفي الملف الخارجي، قال إن سوريا استطاعت خلال الأشهر التسعة الماضية أن تحقق نسيجاً من العلاقات الدولية والإقليمية. وأوضح أن علاقاتها مع روسيا ممتدة منذ عام 1946، وأنه جرى تبادل التزامات أوفى بها الطرفان.

وأضاف أن العلاقة مع إيران شهدت جرحاً عميقاً بعد سقوط النظام السابق وخروج أذرعها من المنطقة، إلا أن القطيعة ليست دائمة. أما مع الولايات المتحدة والغرب فتمكنت سوريا من بناء علاقات جيدة، فيما تتجه العلاقات مع مصر نحو التحسن.

 

العلاقة مع إسرائيل

وفيما يخص إسرائيل، قال الشرع إن الأخيرة كانت تخطط لتقسيم سوريا وتحويلها إلى ساحة صراع مع الإيرانيين، لكنها تفاجأت بسقوط النظام السابق. وأضاف أن إسرائيل اعتادت أن تعالج مشاكلها الاستخباراتية وفشلها الأمني في بعض الأحيان باستخدام قوتها العسكرية والحذر الزائد في مخاوفها الأمنية. وأشار الشرع إلى أن سوريا الآن في طور مفاوضات ونقاش حول اتفاق أمني مع إسرائيل، مبيناً أن الأخيرة اعتبرت سقوط النظام خروجاً من اتفاق عام 1974، بينما أبدت سوريا التزامها الكامل به وراسلت الأمم المتحدة لعودة قوات الأندوف. وشدد على أن قصف إسرائيل لبعض الأماكن المدنية والعسكرية غير مبرر، لافتاً إلى أن المفاوضات لم تنته بعد، وهي تهدف إلى العودة لاتفاق 1974 أو صيغة مشابهة له.

 

المفاوضات مع “قسد”

وحول ملف شمال شرق سوريا، أوضح أن المفاوضات مع ميليشيا “قسد” سارت بشكل جيد لكنها شهدت تعطيلاً في التنفيذ، مبيناً أن الاتفاق حدد حتى نهاية العام لتطبيق بنوده، ومنها دمج قوات “قسد” بالجيش العربي السوري مع مراعاة خصوصيات للمناطق الكردية. وأكد أنه عمل على تجنيب المنطقة الدخول في حرب، مشدداً على أن سوريا لن تتنازل عن ذرة تراب واحدة وأن العرب يشكلون أكثر من 70% من سكان المنطقة، بينما “قسد” لا تمثل كل الكرد.

 

ملف السويداء: أخطاء متبادلة ودعم مستمر

وفيما يخص السويداء، قال إن ما حصل هناك جرح يحتاج وقتاً للالتئام، وإنه كان داعماً لأبناء السويداء منذ خمس سنوات وقبل التحرير.

وذكر أن حركة الكرامة بدأت قبل سنة ونصف من سقوط النظام وكان داعماً لها، لكن الخلاف الذي نشب بين البدو والطائفة الدرزية تطور، ووقعت أخطاء من جميع الأطراف بما فيها الدولة.

وأوضح أنه تم تشكيل لجان لتقصي الحقائق، مشدداً على ضرورة محاسبة كل من أساء أو أخطأ. واعتبر أن مصلحة السويداء، كما مصلحة شمال شرق سوريا، مع دمشق، وأنها فرصة للملمة الجراح والانطلاق برؤية جديدة.

 

رؤية مستقبلية

وأكد الرئيس السوري أن العالم خسر سوريا خلال العقود الماضية بسبب العزلة والاضطرابات، لكن التحرير في ديسمبر فتح فرصة تاريخية للمنطقة. وشدد على أن سوريا اليوم تبحث عن الهدوء التام في علاقاتها الدولية، وأن مصلحة السوريين ستظل الأساس في كل سياسات الدولة.

عن Muhammed Harun

شاهد أيضاً

إلغاء مشروع “بوليفارد النصر” في حيّ القرابيص بحمص بعد احتجاجات الأهالي

إلغاء مشروع “بوليفارد النصر” في حيّ القرابيص بحمص بعد احتجاجات الأهالي وكالة الفرات للأنباء

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *